تحقيقاتمحافظات

أسمي طولي 1905-1983) رائدة الكتابة النسائية في فلسطين ” قاصة صهيل الزمن ” كتب الأديب سليم النجار

(أسمي طولي 1905-1983)
رائدة الكتابة النسائية في فلسطين
” قاصة صهيل الزمن ”
كتب الأديب /سليم النجار
متابعة:لطيفة القاضي
أول ما يفاجئ القارئ في كتاب ( اسمى طوبى ١٩٠٥ – ١٩٨٣ )
رائدة الكتابة النسائية في فلسطين للباحث والكاتب جهاد صالح الذي يرصد فيه الحركة النسائية الإبداعية في فلسطين ؛ فكأن صاحبه يقول للعرب لكم كتابكم ولي كتابي ؛ كتابي لا يقل شأناً عن أي كتاب آخر .
أسلط في هذه القراءة على القاصة اسمى طوبى الذي قرأتها من كتاب الكاتب جهاد صالح ؛ الذي لولاه لما عرفت هذه القاصة الكبيرة والمجددة في هذا الفن .
اسمى طوبى ولدت في مدينة الناصرة الفلسطينية عام ١٩٠٥ . تلقت دراستها في المدرسة الإنجلزية في الناصرة ؛ وتمكنت فيها من إتقان اللغتين الإنجليزية واليونانية .
عُرفت اسمى طوبى بأنها من اغزر كّتاب المقالات الصحفية انتاجاً ؛ أما في مجال كتبها المؤلفة والمطبوعة ؛من كتابات مسرحية ؛ ونذكر من مسرحياتها ” صبر وفرج ” مسرحية من ثلاثة فصول نُشرت في عكا عام ١٩٤٣ ؛ ومن كتبها النثرية ” الفتاة وكيف أريدها ” طبع في فلسطين عام ١٩٤٣ ؛ ومن كتبها المترجمة ” على مذبح التضحية أو الإبن الضال ( جزءان ) طبع في عكا ١٩٢٨ ” .
ورغم أن القاصة اسمى طوبى ؛ تعتبر من رّواد القصة القصيرة الفلسطينية ؛ إلا الدكتور عبدالرحمن ياغي له رأي آخر كما ذكر جهاد صالح في كتابه ” لم تشأ اسمى طوبى أن تسمى إنتاجها ( أو بعضاً منه ) قصصاً … ولم يكن هذا الإنتاج قصصاً في واقع الأمر – بحسب الدكتور عبد الرحمن ياغي ٠ وإنما ” أحاديث من القلب ” كما أطلقت عليها بنفسها . ” بينما برىء الكاتب والباحث جهاد صالح ( على الرغم من ذلك ؛ فالقارئ لها ؛ يمكنه أن يتلمس فيها مواقف قصصية ؛ خاصة تلك التي كتبتها قبل النكبة ) .
وارى قصتها التي جاءت بعنوان ( أم زينة ) ؛ تحمل بناء فني قصصي مكتمل في ذاك العصر ؛ وان اختيارها الشخصيات في هذا النوع من القصص هو الخطوة الاولى في صياغة موضوع القصة ( كانت ام زينة غسّالة الحي .. فقدت ابتنها الوحيدة زينة … وتزوج زوجها امرأة ثانية ليرزق الأولاد ) ؛ وتخليق الهموم التي تدور حولها . لأن موضعة تلك الشخصيات في هذا المناخ المحدود الخانق ؛ ووضع عدد كبير منهم في حافة الحاجة ؛ ( … وأصبحت أم زينة والزوج يعملان من أجل العائلة .. وأصبحت الضرّة للاعتناء بالأطفال في المنزل ) ؛ في الوقت الذي تتخلق فيه عناصر الأحباط المتعددة أمام بقية الشخصيات الأكثر نضجاً ؛ يضع القصة كلها في قبضة هذا الحنين العارم للتواصل ؛ ( حدثني عن فرائض الحج … أم زينة ! لينهك الحج فإنه قد طهّر نفسك … تعملين دون تذمر لأجل الزوج ؛ زوج المرأة الأخرى ! ) ؛ ويرشح الجانب الحسي للتعبير أكثر من غيره عن هذا التواصل المبتغى ٠ كما أن اختيار تلك الشخصيات بصورة تبدو معها وكأنها مرايا تعكس على صفحة بعضها صورا للبعض الآخر ؛ فيها قدر من التماثل ومقدار من الاختلاف ؛ يهيئ المناخ لتخليق شبكة ثرية من العلاقات ذات التنوبعات المتعددة على اللحن القصصي الواحد ؛ ( … ضرتك . وأنت تتناسين مرارة الحرمان وآلام الثكل … ) ؛ هذا النمط من القصص يعتمد على مجموعة من الشخصيات التي تتشابك مصائرها في خريطة من العلاقات المتداخلة ؛ التي تفرض بين رغبات الإنسان وما تفرضه عليه مثالياته الأخلاقية او حتى المواضعات والأعراف الاجتماعية من قيود أحد القضايا الأساسية التي تتناولها القصة في محاولاتها الكشف عن التيارات الاجتماعية في أعماق تلك الشريحة الفلسطينية . إذ تؤكد القصة على أن الحياة في هذه الشريحة مجموعة من الفجوات الاجتماعية تارة ؛ والعصرية أخرى والنفسية ثالثة ؛ والروحية رابعة ؛ وهكذا ٠
اسمى طوبى في قصة ” أم زينة ” ؛ تقص عن المرأة الكلمة هي النَفسُ أو الروح الذي نهضت به الخليقة ٠ فكتابة المرأة طقس تتحرر به من قيودها الداخلية والخارجية المرئية واللامرئية . كتابة المرأة خروج من ليل مظلم إلى صباح كأنه صباح خرجت فيه المادة من عمائها السديمي إلى كينونتها من هنا اجتهدت ثقافة العصور الماضية التي قامت على القهر والتمييز ؛ في إنكار قدرة المرأة على التعقل والإبداع ؛ لأن المرأة في نظر هذه الثقافة جسد فقط جسد بلا عقل ؛ أو بعقل ناقص.
اسمى طوبى ؛ قدّمت قصتها ” أم زينة ” تتحدى هذا القانون وخرجت عليه ؛ فقد اولت لتكتسب من المعاني ما يستر معناها المباشر ؛ كما نرى في نشيد الأنشاد الذي تحول من عادات إلى قيم ؛ أو انها – اقصد هذه القصة تعتبر عمل تحدي – وإن بدت بالشكل تقليدية ؛ لكن في الجوهر تدعو للتعاطي مع الواقع الاجتماعي بعقلانية ؛ تستدعي الوعي ؛ وعي الحاجة والفطرة الإنسانية أن الرجل بحاجة لأطفال ؛ ولا يمكن الأستغناء عن هذه الفطرة ؛ في ذاك العصر ؛ الذي كان يعتبر الأولاد حاجة عملية ؛ خاصة عندما يكبرون يتحولون قوة عمل للأب . فاسمى لم تتعامل مع هذا الواقع كمادة اجتماعية صامتة لتهمس وتوسوس . بل تعاملت على رسم صورة قصصية برشاقة وقدرتها على الإيماء ؛ لكن بأن تصبح الحاجة قصاً وكتابة وإبدعاً .
ولعل القاسم المشترك بين اسمى طوبى وواقعها الفلسطيني هو تمرد الفلسطيني على قهر الحياة على كل الأليات ؛ التي أبتدعتها حداثة الأنتداب البريطاني على فلسطين من القرن الماضي ؛ وفرض حداثته ؛ وإصرار الإنسان الفلسطيني رفص هذا الأغتراب والبقاء داخل قيمه من خلال الزواج الثاني من أجل انجاب الأولاد ؛ هذه القيمة في ظل نهوض العصر الصناعي مرفوض ؛ إلا ان اسمى رصدت هذا الرفض من خلال قصّها قصة ” أم زينة ” .
ربما في المقاربة النقدية الاستشرافية لقصة ” أم زينة ” قسوة مبالغ بها من قبل الدكتور عبدالرحمن ياغي ؛ لأنها لم تراعي الزمن التي كتبت بها القصة .
ومن أجمل ما ختم به الباحث والكاتب جهاد صالح عن اسمى طوبي في كتابه ( أسمي طوبي ١٩٠٥- ١٩٨٣- رائدة الكتابة النسائية في فلسطين ) ؛ ” وهكذا نستطيع القول بكل ثقة بكل ثقة ودون تردد ؛ أن اسمى طوبي هي رائدة المرأة الفلسطينية في الكتابة من ناحية ؛ ورائدة في المرأة الفلسطينية من ناحية ثانية ؛ مثّلت قصة نجاح شخصية على المستويين الذاتي والعملي ؛ إمتلكت ريادتها بقوة ا

Related posts

الغضب …

لقاء رؤساء الفروع والجمعيات السبت القادم

Alahlam Almasrih

اليوم ذروة فصل الصيف فلكيا وأطول أيام العام وأقصرها ليلا في مصر

Alahlam Almasrih