إما أن تموتوا أو أن ترحلوا
بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
أظن أن أمر المواطن في حاضرة بحر العرب قد بلغ حدا لايحتمل المواربة أو المجاملة أو النفاق ، إذ أصبح على كل حر ؛ ذكر كان أو أنثى ، أن يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر ظالم كاذب ، لايمتلك ذرة من أخلاق ، ولانصيبا من دين ، ولا وازعا من ضمير ، وفوق ذلك يكذب أنه سيأتي بجمهورية افلاطون الفاضلة ، وسيحقق عدالة عمر بن عبد العزيز الشاملة ، علما بأنه مجرد بعوض قد توالد وتكاثر في مستنقعات قذرة ، لايجيد إلا قتل هذا الشعب ، وحقنه بحقن الجهل والتخلف والجوع والمرض ، تجدهم يتحدثون عن النزاهة ، وهم اللصوص الذين لم ولن يعرف التاريخ مثيلا أو شبيها لهم ، يتحدثون عن البناء ، وهم لايجيدون إلا الهدم منذ أن جمعنا الله بهم ، وعلينا سلطهم ، يتحدثون عن التعليم ، وهم لما يتحرروا من الأمية بعد ، يستهدفون الآخرين بالتقبيح والتشويه ، وهم الذين خلقهم الله مقبوحين ومشوهين ، يرمون غيرهم بالفساد ، وهم الذين خلقوا فاسدين ، إنهم يتلذذون بقتل الأطفال والشيوخ والعجزة والمرضى والمعاقين …
عبثوا بالعملة الوطنية حتى تفشى الغلاء ، وعجز المواطن عن الشراء ، فمات الكثير من المواطنين تعففا إما بالانتحار ، أو بالانزواء داخل منازلهم حتى يوافيهم الأجل جراء الجوع . فلم يكتف القائمون على الأمر بالتجويع ؛ لأن الوفيات بهذا الأمر ربما لم تصل إلى الرقم الذي ينشدونه ، الأمر الذي جعلهم يلجأون إلى وسيلة أخرى لعلها تكون أكثر فتكا وأسرع حسما بحياة هذا المواطن الذي ذاقوا به ذرعا بل ربما أصبح مصدر تنغيص لرفاه حياتهم ، إذ مازال يملأ كثيرا من مساحة هذه الجغرافية التي قد عرضها القائمون على الأمر في أسواق المزاد العالمية للبيع .
وبعد تفكير القائمين على الأمر والأخذ والرد فيما بينهم ، أجمعوا على أن الصيف شديد الحرارة في الحاضرة ، وهو الوسيلة الأكثر قتلا لهذا المواطن المقرف ؛ لذلك ماعلينا إلا أن نحسن التصرف باستخدام منظومة الكهرباء ، فبدأوا بالتقليل من ساعات عمل الكهرباء ، إذ جعلوها تعمل ساعتين مقابل ثلاث ساعات إلى خمس انطفاء ، وبهذا مات الكثير من المواطنين ، على سبيل التمثيل لا الحصر ؛ في الحي الذي أقطنه أنا توفي خمسة أشخاص بسبب شدة الحرارة وانعدام الكهرباء في أقل من عشرة أيام ، لكن يبدو أن إحصائية المتوفين جراء هذا الإجراء لم ترق للقائمين على الأمر ، فرأوا أن يحدثوا أكثر في إجراءاتهم ، ويجددوا أيضا في خططهم ؛ لأن المواطن يبدو أنه لما يفهم بعد المراد ، ومايسعى إليه قادة النهب والفساد !!!
وبناء على ماتقدم فقد لجأ القائمون على الأمر إلى ماهو أشد تنكيلا بهذا المواطن والتخلص العاجل منه ، فزعموا أن المهندسين والعاملين في حقل منظومة الكهرباء قليلو خبرة ومعرفة بأمر المحروقات ووقود المولدات ؛ لذلك ابتاعوا كمية من الوقود الفاسدة أو المغشوشة التي لاتنفع لتوليد الطاقة ولاتصلح البتة لتشغيل المولدات ، الأمر الذي وضع المواطن أمام أمرين أحلاهما مر ؛ إما أن يموت في منزله بفعل حرارة الصيف وغياب الكهرباء الذي وصل إلى العشر ساعات وربما يزيد ، أو أن يرحل عن أرضه ومنزله وذلك بيت القصيد .