شاشة

إن المصائب يجمعن المصابينا

… إن المصائب يجمعن المصابينا

بقلم /الدكتور عوض أحمد العلقمي

لن نوفيه حقه مهما حمّلنا الأحرف والكلمات من المعاني والدلالات المعبرة عن هول الفاجعة ، وحجم المصاب ، ومساحات الحزن ، وألم الجراح ، وآهات الفراق ، ودموع الرحيل .. إذ أخذه القدر في عجالة مرعبة ، ولحظة مفاجئة ، لم نكن نتوقعها ، ولاننتظرها ؛ لقد كان الأمر مهولا إذ لم تسبقه مقدمات ، ولم ترشح عنه مؤشرات ماجعله يشكل لنا ضربة قاصمة ، وقِتلة على حين غفلة ، لم نكن نعلم أن من نواميس القدر الغدر ، وأقبح وجوه الشر السِر ، لم أكن أعرفه من الطفولة ، ولم أزامله في المدرسة ، لكنني التقيته في أوقات قصيرة غير أنها أقل ماتوصف به أنها العصيبة ، فكان نعم الرجل الصلب ، صاحب الرأي والعزيمة ، وأخا البصر والبصيرة ، وذا الإقدام عند مواجهة الخطب والمصيبة ،

لم يكن يفكر في المال أو الفوز بالغنيمة ، فضلا عما يتمتع به من الصبر وقوة الشكيمة ، عرفته متواضعا تواضع العلماء ، وجبارا عند مواجهة الشدائد والأهوال ، لايعرف الحِقد أو اللؤم قلبه ، ولايذهب إلى الخُبث أو الأذى عقله ، عريض الابتسامة ، كريم اليد ، سهل العشرة ، سريع الألفة ، تجده في براءة الأطفال ، لكنه في حزم الأبطال ، في خطابه الحكمة ، والقول السديد ، لم أكن قد عايشته أو جالسته كثيرا ، لكن الرجولة هي من تجمع بين الرجال ، والأحداث هي من تكشف معادن الكبار ، جمعتني به الصدفة في حوطة العبدلي ، فلم يستطع أحدنا – من بعدها – أن يفارق الآخر ، ذهبنا معا إلى مسقط رأسه في طور الباحة ، فجمعني بإخوته في منزل والده في قرية الغرقة ؛ ذلك المنزل الذي تشتم منه عبق التراث ، وتقرأ في جدرانه تجذٌر الأصالة ، وطقوس المشيخ ، طلب مني أن أنظر في بندقية والده الإف إن FN ، الأمر الذي شوّقني لسيل من الأسئلة عن والده (رحمهما الله) وهنا أدركت أن قد جمعنا المصاب وقاربت بيننا المصيبة إذ كان والده من ضحايا السبعينات كما كان آبائي أيضا …

تذكرت لحظتها قول الشاعر العربي :
………….. إن المصائب يجمعن المصابينا
اصطحبته إلى عاصمة مديرية المضاربة ورأس العارة (الشط) ومكثنا فيها بضعة أيام ، كان برفقتنا الشيخ أحمد عبده سعيد قائد ، والشيخ علي قائد الجليدي ، وشقيقي على أحمد حسن العلقمي ، مرت أيام الشط قاسية علينا جميعا إذ عانينا من شظف العيش ، افترشنا الأرض والتحفنا السماء ، ومع ذلك حُفرت تلك الأيام في ذاكرتنا جميعا ، وثبتت في عقولنا ، واعتبرناها من أجمل الأيام في حياتنا ، كنا نسهر الليل نتبادل أطراف الحديث إلى الفجر بشيء من الحب والوئام والإخلاص والوفاء الذي لايتكرر  لبعضنا …  وهنا أختتم رثائي لأخي وحبيبي ذلك الرجل العظيم الشيخ عبد السلام علي أحمد قاسم بسؤالي المولى عز وجل أن يرحمه رحمة الأبرار ، وأن يلحقه بالصالحين الأخيار ، وأن يسكنه فسيح جناته ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ، وأن يلهم أهله ومحبيه وذويه الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون ……

Related posts

سعادة المطوف الأستاذ خليل فارسي ينوه بالإنجازات العظيمة التي تحققت خلال هذا العهد الزاهر الميمون

Alahlam Almasrih

والد القائد الكشفي سمير باطوق في ذمة الله مكه المكرمه عثمان خليفه مدني

Alahlam Almasrih

جامعة أمّ القُرى تُطلِق برنامجًا لتعزيز دور المرأة ومكانتها

Alahlam Almasrih