الماء والتنمية المستدامة

كتب أمير زهران

.
الماء والطاقة هما نواة وجود الحياة ومصدر إمداد البشرية بالبقاء، إنهم أعظم نعم الله التي قد لا يبالي الناس بها لإلفهم لها وإعتيادهم عليها، فأين وجدوا وجدت الحياة.
قال الله تعالى
“وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ” سورة البقرة الاية 164
توفير المياه العذبة يعتبر من أكبر مشاكل العصر الحالي، فقد حددت الدراسات التى اجٌريت أن حوالي 884 مليون شخص حول العالم لا يستطيعون الحصول على المياه العذبة الصالحة للشرب بصورة منتظمة.ولهذا فإنه عادة تنتشر الأمراض ومعدلات الوفاة نتيجة إستخدام مياه ملوثة لعدم توافر المياه العذبة لهم وهذا يؤثر بشكل خاص على الأطفال، فلقد أعلنت بعض الاحصائيات طبقا لمنظمة الصحة العالمية أن حوالي 3900 طفل يموتون يوميا بسبب شرب مياه ملوثة. ولكن يمكن الحيلولة لعدم حدوث تلك الوفيات ولكن بتكنولوجيا متقدمة والتى تتكلف موارد مالية و بشرية باهظة، ولهذا تم إستبعاد عدد من البلدان الغير متقدمة والفقيرة من الإستفادة من تلك الحلول نتيجة لعدم وجود مصادر الطاقة التى تعتمد عليها تلك التكنولوجيا بشكل عام ولإرتفاع تكاليف تلك التكنولوجيا بشكل خاص.
وهنا تكمن المشكلة فى ما تعانيه الدول الفقيرة من عدم توافر الإمكانيات المادية والتكنولوجية مقارنة بغيرها من الدول الغنية التى تمتلك تلك الموارد بوفرة. لذلك فإن الحلول المستدامة لتلك المشكلات مطلوبة لمحدودية موارد المياه العذبة ولمحدودية مصادر الطاقة التقليدية.علاوة على ذلك ، يعتبر إستخدام مصادر الطاقة التقليدية من المشاكل الكبرى حيث يؤدى ذلك إلى ارتفاع معدلات التلوث وإرتفاع نسبة الاحتباس الحراري الذى بدوره يؤثر بالسلب على الحياة بوجه عام وعلى صحة البشر بشكل خاص.
ولحل تلك المشكلات لابد من النظر إلى المصادر المختلفة التى يمكن إستخدامها لتحقيق التنمية المستدامة. والتنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات، بشرط أن تلبي إحتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها، وايضا مواجهة خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية. على سبيل المثال يمكن إستغلال مصادر المياه المالحه كالبحار والمحيطات التى تمثل 75 بالمئة من المساحة الكلية لسطح الارض، ولكن نسبة ضئيلة جدا منها تحوي مياه عذبة صالحة للإستخدام فى نواحي الحياه المختلفة. وعلى صعيد آخر ، تصل الطاقة الشمسية الساقطة خارج المجال الجوى للكرة الأرضية لحوالي 1376 كيلووات/متر مربع فى أوقات الظهيرة، بينما تنخفض إلى حوالي 1 كيلووات/متر مربع على سطح الأرض. وتلك المئة من الطاقة مهولة جدا يمكن إستخدامها في حل مشكلات عديدة كمشكلات الطاقة في التسخين الشمسي للأغراض المنزلية والعامة مثل المستشفيات والمعسكرات والتسخين الشمسي للماء والهواء في العمليات الصناعية لدرجات الحرارة المنخفضة والمتوسطة وأيضا فى حل مشكلة عدم وفرة المياه العذبة.
وقد سخر الله تعالى تلك الطاقة الساقطة على الأرض بصورة طبيعية لإنتاج المياة العذبة عن طريق أمتصاص المحيطات والكتل الأرضية والغلاف الجوي للطاقة الحرارية الناتجه منها، مما يؤدي لأرتفاع درجة حرارتها كما يحدث في المحيطات، حيث تتبخّر مياه المحيطات نتيجة إرتفاع حرارة المياه ليتشكل بخار الماء الذي يرتفع إلى الأعلى حيث درجات الحرارة المنخفضة ليتكاثف ويسقط على شكل أمطار ليشكل أنهارا من المياه العذبه. ولذا فأننا نستطيع أن نقتدى بالطبيعة فى تنقية المياه المالحة بالطرق الصناعية عن طريق الطاقة الشمسية بالعديد من الطرق ولكن تكمن الفكرة الأساسية فى زيادة حرارة مياه البحار والمحيطات (ماء ذو ملوحة عالية) إلى درجات حرارة عليا فتنفصل جزيئات الملح عن جزئيات الماء ثم تبريدها مرة أخرى فتخرج مياه عذبة بدون اى أملاح ذائبه للإستخدمات المختلفة فى الحياة. إن إستخدام تلك التكنولوجيا الحديثة في التنمية المستدامة للبلاد يكون بتكاليف منخفضة للغاية فى التشغيل حيث ان وجود الشمس والمياه الغير عذبة عادة يكون متوفراً، والذى يشكل متنفساً لتلك الدول اذا إعتمدت على تلك الحلول المستدامة.
وإستكمالاً للدور الذى نؤديه فى عمارة الأرض لابد ان نلقى الضوء على المشاكل المجتمعية المرتبطة بتلك المشاكل، والذى يمكن تلخيصه فى الإستهلاك الأمثل للمياه بدون إسراف أو إهدار أو تلويث لمصدر الحياة الأول، وأيضا المشاركة فى حل تلك المشاكل والتوجه الى إستخدام مصادر الطاقة الجديدة المتجددة كأساس لاستمرار الحياة على وجه الارض وضمان تفعيل دور التنمية المستدامة فى الحياة.
م- عاصم حسن فليفل عضو الهيئة المعاونة بكلية الهندسة جامعة طنطا