شاشة

حكيم المضاربة .. السيد عبده جفر 2


حكيم المضاربة .. السيد عبده جفر 2

بقلم / د. عوض العلقمي

أجل أستاذي الفاضل أعرف جيدا أين يكون السيد عبده جفر لاسيما في مثل هذا الوقت ، وهل نستطيع الوصول إليه في هذه الظهيرة ذات الشمس المحرقة ياباسل ؟ أجل أستاذي إنه يقيل في كهف صغير يقع في ملتقى الواديين ؛ الوادي القادم من المضاربة العليا والوادي الآخر القادم من المضاربة السفلى ، وما الذي استهوى الحكيم جفر ليجعل مقيله في ذلك المكان ياباسل ؟ أنا لا أعرف السبب جيدا ، لكنني سوف أصف لك المكان لعلك تستخلص من ذلك العلة والسبب ، حسنا ياباسل ، قم أنت بوصف ذلك المكان ، وأنا سوف أقوم باستخلاص العبر ومحاولة الوصول إلى معرفة العلل ؛ حسنا أستاذي ؛ إنه مكان يجمع بين مشاهد جميلة وكثيرة ، منها ؛ الماء النقي الجاري الذي لايغور ولايأسن ، والأشجار الخضراء التي تشاطئ الوادي من الجانبين بعد أمتار من اتحاد الواديين ، وتشبه تلك الأشجار قصب الذرة الرفيعة ، غير أنها لاتأكلها الأغنام ، لكنها تستخدم في صناعة الأخياء  ومفردها _خي _ وهو مايوضع على ظهر الجمل قبل أن نحمله الأمتعة أو أي شيء نريد نقله إلى أي مكان ، وكذلك نصنع منه الشبابة التي يعزف عليها رعاة الأغنام ألحانهم وأغانيهم بواسطة النفخ فيها من الفم ، وتسمى تلك الأشجار العَلَال بفتح العين واللام ، وكذلك تجد ملتقى الواديين مفروشا بالنيس الناعم أو مايسمى باللهجة الشعبية السُلَال بضم السين وتضعيفها وفتح اللام ، لكن الأجمل من ذلك أنك تجد الغار الذي يُقيل فيه السيد جفر يرتفع حوالي مترين عن الماء الجاري الذي يمتاز بالصفاء والنقاء فضلا عن خَرِيره إذ يحدث إيقاعات رائعة ، ربما يدرك جمالها ويتأثر بأصواتها غيري من الكتاب والأدباء والشعراء ، وهنا تجد أقدام السيد جفر وهو متكئ في الغار أقرب ماتكون من الماء ، رُبَما بمسافة لاتزيد عن المتر الواحد …..

وكأني أرى شيخا في ذلك الغار ، أليس كذلك ياباسل ؟ بلى يا أستاذي ، إنه السيد جفر ، لقد وصلنا إذ أخذنا الحديث فقطعنا المسافة دون أن نشعر …
حَييتُ السيد جفر ثم صافحته ، رد التحية بأحسن منها ، ورحب بنا ترحيبا حارا ، هيأ لنا – في عجالة – متكأ طيبا ، بدأنا نتبادل الحديث معه ، ظل في حديثه يشكو لنا أحوال البلاد والعباد ، وكيف هو الإنسان ميال بطبعه لظلم أخيه إلا مارحم ربي ، تَعمدتُ قطع حديثه إذ أسرف في سرد الهموم وعرض الشكوى ، لكنه ما إن شعر بذلك حتى ابتسم واعتذر ، ثم عاد يرحب بي مرة أخرى ، وهنا سألته ؛ أيها الحكيم هناك بعض الأمثال أحفظها لكنني لا أعرف معناها أو مناسبة قولها ؟

قال : مثل ماذا تلك الأمثال التي تجهل معناها ومناسبة قولها يا ابن أحمد حسن ؟ قلت : مثل قولهم  ” اشبر بشبر المولود واحذر عليها تعود ” قال يحكى أن رجلا تزوج فرزق كثيرا من الإناث ، وبعد أن أصبح في حالة يأس من أن يرزق مولودا ذكرا ، اشترط في أثناء حمل زوجته أن يذبح كبشا طول ذيله سبعة أشبار إذا رزق هذه المرة مولودا ذكرا ، وبقي ينتظر انتهاء زمن الحمل ، وإذا به يُرزقُ مولودا ذكرا ، الأمر الذي جعله مسؤولا عن الوفاء بالنذر أو الشرط ، انطلق من لحظة الولادة يبحث في القرى وبين الرعاة عله يظفر بكبش طول ذيله سبعة أشبار ، وبعد أن بلغ مرحلة اليأس من الظفر بطلبه والوفاء بنذره ، شكا حاله وقلة حيلته للناس ، فقال له شيخ مسن اذهب يابني إلى قرية فلان ، ستجد بها حكيما يسمى فلانا ، أعرض عليه مشكلتك ربما وجد لك حلا ، ذهب إلى الحكيم وعرض عليه حاله ، فقال له الحكيم : اشبر بشبر المولود ( أي بأصبعي الطفل المولود ) واحذر عليها تعود ( أي انتبه تكرر مثل هذا القول “النذر” ) لأن سبعة أشبار بأصبعي الطفل سوف تساوي شبرا واحدا أو تزيد قليلا إذا ماقورنت بشبر الرجل ، وبهذا يستطيع تنفيذ النذر إذ سيجد كبشا كذلك … وبعد أن حُمتُ كثيرا حول الحمى ، عُدتُ إلى بيت القصيد

فسألت الحكيم جفر عن سبب تكراره مقولة : من حق أول ؟ فأخبرني أنه رأى ذات الرجل المتحدث إلى جمهور الحراك هو نفسه الذي كان يحدثهم ذات يوم أن الإنسان خُلقَ من الطبيعة وأن لا إله والحياة مادة ، فقلت مقولتي وكررتها ألما وحسرة إذ آمنت أن لاجديد في الساحة الوطنية – علما بأن القصة مازال بها كثير من الأسرار والخفايا لا أستطيع البوح بها إلا مشافهة معكم أعزائي القراء – غادرتُ كهف الحكيم جفر وأنا في حزن وحسرة ، أرددُ المقولة ذاتها ؛ من حق أول.. من حق أول……..

Related posts

مع جدتي صفية

Alahlam Almasrih

هايكنج فدك ينهي مشاركته في برنامج الساحل الغربي

Alahlam Almasrih

كشافة رسل السلام تشارك فى دورة الجراري ٢٠ لكرة القدم

Alahlam Almasrih