هل دراما رمضان تافهة وعيب وحرام ….
بقلم الاعلامى / سيد صادق
لم أشغل بالي هذا العام بالجري خلف المسلسلات من قناة للأخرى، لأتمكن من متابعتها وتقييمها ، غير أنني منحت نفسي فرصة لمتابعة الحلقات الأولي علي اليوتيوب وبعض الفضائيات ، لأستقر علي عملين فقط لا أكثر لمتابعة أحداثهما ، أما باقي الأعمال ، فسأجتهد لمتابعة أحداثها علي مدار العام ، إذا كتب الله لي العمر ، لأنه ليس من العقل ، أن يضيع الشخص وقته فى متابعة هذا الكم الهائل من المسلسلات ، التي تحتاج لأكثر من 12 ساعة يومياً ، لتتمكن من متابعتها جميعاً، وربما لن يسعفك الوقت أيضاً.
قبل الحديث عن الانطباعات الأولي التى تشكلت لدي غالبية المشاهدين فى الأيام القليلة الماضية ، دعونا نتحدث عن ترديد البعض لمعلومات مغلوطة ، بأن ميزانية إنتاج الدراما فى مصر ، تجاوزت المليار و200 مليون جنيه ، وأن كل هذه الأموال مسروقة من الشعب المسكين ، وأنه كان من الأفضل أن يتم استغلال هذا المبلغ لصنع 17 مليون شنطة رمضان !ّ ، أو تزويج 20 ألف شاب وفتاة ، وفى الحقيقة من يردد هذا الكلام ، يعيش فى غيبوبة أو يردد معلومات خاطئة دون أن يتأكد من صحتها ، فالدراما المصرية ، صناعة مثل أى صناعة ، ومبلغ المليار و200 مليون جنيه الذي يتحدثون عنه ، لم تدفع الدولة منه مليم واحد، لأن 99.9 % من إنتاج الدراما هذا العام تصدت له شركات وكيانات خاصة ، بعضها سيحقق أرباحا كبيرة والبعض الآخر من الممكن أن يتعرض لخسائر فادحة ، ولكن فى جميع الأحوال ، الدولة مستفيدة 100% من هذه الصناعة ، لأنها ستجني أكثر من 400 مليون جنيه ضرائب مستحقة عن هذه الأعمال ، بالإضافة للكم الهائل من العمالة المصرية التى تعمل فى هذه المسلسلات أربعة اشهر فقط فى العام ، هي مدة تصوير المسلسل ، ويدخرون ما يتحصلون عليه لينفقوه علي مدار السنة ، دون أن يطلبوا من الدولة معاش أو إعانة ، وهو ما يؤكد أن صناعة الدراما فى مصر من أهم الصناعات ، ولكن للأسف الدولة ، تتعامل معها باستخفاف لا يتناسب مع المكاسب العديدة التى تحققها.
أما القضية الأخرى التي تثار حالياً ، هي تحريم متابعة المسلسلات خلال شهر رمضان ، وهى وجهة النظر التى يتبناها مجموعة كبيرة من علماء الأزهر ، خصوصاً بعد أن تحولت المسلسلات لوصلات من الرقص والسب و التلذذ بفضح المجتمع وكشف عوراته ، الأمر الذى دفع بعض رجال الدين بأن يطالبوا الجمهور المصري بالامتناع عن مشاهدة هذه الأعمال ، حتى لا تكون سببا فى فساد صيامهم وأخلاقهم ، وفى الحقيقة أنا لا اقتنع بأن الدراما تعكس واقع المجتمع الحقيقي ، لأنني أعلم جيداً ان هناك فساد متفش فى المجتمع ، نتيجة الفقر وانخفاض مستوي التعليم ، وأعلم ايضاً أن هناك نماذج شريفة من لحم ودم ، تعيش بيننا ، ولا تجد من يعبر عنها ، لأن الحديث عن العشوائيات والبلطجة ، وتجارة المخدرات والساقطات ، يجلب إعلانات أكثر من الحديث عن النماذج الشريفة ، ولكن لا أحد يدري أن ما تقدمه الدراما والسينما من إسفاف وترويج للنماذج المنحلة أخلاقياً ، اشبه بزراعة قنبلة موقوتة فى قلب الدولة ، ولكن مع من ستتحدث والوكالات الإعلانية هي صاحبة الكلمة الأولي والأخيرة فى اختيار الأعمال المعروضة ، لذلك لا يستطيع أحد أن يلوم علي شيوخ الأزهر عندما يطلبون من المشاهدين مقاطعة الأعمال الدرامية بسبب الخطر الذي تشكله علي المجتمع .
تحياتى لحضراتكم جميع اخوك فى لله الإعلامى الاعلامى سيد صادق